Menu

الشعب الفلسطيني فلسطين في مناطق (1948) على أعتاب انتفاضة شعبية رداً على جرائم الاحتلال المستفحلة

عليان عليان

خاص بوابة الهدف

من تابع تشييع الجماهير الفلسطينية للشهيد أحمد حجازي في مدينة طمرة الفلسطينية في الجليل الفلسطيني يوم الثلاثاء الماضي، ومشاركة الآلاف فيها، والشعارات التي رفعت أثناء التشييع ورفع العلم الفلسطيني، يدرك بأن الأوضاع في مناطق 1948، باتت حبلى بانتفاضة شعبية، لا سيما وأن مصرع الشاب حجازي وإصابة مواطنين آخرين ، واستشهاد الشاب أدهم فؤاد بزيع في جريمة إطلاق نار في مدينة الناصرة، جاء مترافقاً مع الحراك الشعبي احتجاجاً على دور الأجهزة الأمنية الصهيونية، في رعاية الجريمة المنظمة، في أوساط المدن والقرى الفلسطينية في  الداخل الفلسطيني.

الشاب أحمد حجازي استشهد أثناء إطلاق الشرطة نيران في أزقة المدينة أثناء ملاحقتها لبعض المشتبه بهم، ما أدى إلى إصابة اثنين آخرين لا علاقة لهما بالمطاردين من قبل الشرطة.

المتظاهرون في مدينة طمرة وفي الناصرة وأم الفحم وباقة الغربية وغيرها من البلدات الفلسطينية، رفعوا ذات الشعارات التي يرفعها أشقائهم في الضفة الفلسطينية وفي قطاع غزة ضد الاحتلال، وفي الشتات، ما يؤكد وحدة النضال والمصير  للشعب الفلسطيني؛ إذ أن المشاركين في مسيرة التشييع أعلنوا بصريح العبارة، أن سلطات الاحتلال  الأمنية تتعامل معهم بوصفها استعمار ضد شعب خاضع للاحتلال، وليس بوصفهم مواطنين في دولة الكيان، وأن الشرطة الصهيونية تستسهل إطلاق النار على المواطنين الفلسطينيين لأتفه الأسباب غير آبهة بحياتهم، دون أدنى محاسبة من قبل الأجهزة القضائية المختصة.

وهذا السلوك الأمني الصهيوني الإجرامي ضد أبناء شعبنا في الداخل الفلسطيني مستمر منذ نكبة 1948، وفي الذاكرة على سبيل المثال لا الحصر: مجزرة كفر قاسم عام 1956 التي أدت إلى استشهاد (48) فلسطينياً، ومجزرة هبة الأرض عام 1976 التي راحت ضحيتها (6) مواطنين فلسطينيين، والمجزرة التي ارتكبتها قوات الأمن الصهيونية في مدن الجليل والمثلث إبان انتفاضة الأقصى عام 2000، بحق أبناء شعبنا الذين تحركوا تضامناً مع الأهل في الضفة والقطاع، ضد العنف الإجرامي المرتكب بحقهم وراح ضحيتها (15) فلسطينياً؛ فالقمع الصهيوني المنفلت من عقاله، بات يستند  في هذه المرحلة، إلى مراسيم وقوانين سنها "الكنيست الصهيوني" وعلى رأسها قانون القومية  اليهودي، الذي ينزع في كثير من تفاصيله، صفة المواطنة عن أبناء شعبنا في مناطق 1948، ويترافق عملياً مع حالة  البطالة التي يعاني منها الشبان الفلسطينيون، ومع الإجراءات التي لم تتوقف ضد بناء شعبنا  مثل منع  إصدار تراخيص البناء، وهدم  الأبنية بحجة عدم الترخيص وعدم الاعتراف بالعديد من القرى الفلسطينية وهدمها، كما حصل في بلدة العراقيب في منطقة بئر السبع التي تم هدمها (177) مرة على التوالي، وعدم توفير الخدمات اللازمة للبلدات والمدن الفلسطينية أسوة بالمدن التي تسكنها أغلبية يهودية، ناهيك عن الاستمرار في مصادرة الأراضي الفلسطينية بذريعة التطوير..الخ.

لقد أرق العدو الصهيوني تمسك الفلسطينيين بهويتهم القومية على مدى (72) عاماً ودفاعهم المستمر عن حقوقهم الوطنية والاجتماعية المشروعة، وتنظيم أنفسهم في إطار جبهوي "لجنة المتابعة الوطنية"، يضم قوى مختلفة من تشكيلات سياسية وأيديولوجية ورفضهم الذوبان والاندماج القسري في كيان الاحتلال الغاصب. كما أرقه تصدي أبناء شعبنا في مناطق  1948، للإجراءات التمييزية والقمعية ضدهم -التي جعلت من الكيان دولة "أبارتهايد" بامتياز فاق في عنصريته دولة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، قبل سقوطها عام 1990 على يد حزب "المؤتمر الوطني الأفريقي" بزعامة نيلسون مانديلا - ودفعهم  أثمان ذلك من استشهاد واعتقال وقهر وتضييق عن قناعة كضريبة للحرية، وتأكيدهم الدائم على عروبتهم، وأنهم جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني، ووقوفهم إلى جانب الأهل في الضفة والقطاع، أثناء انتفاضتي الحجارة والأقصى، وخلال مختلف الهبات الجماهيرية، وأثناء الحروب العدوانية على قطاع غزة في الأعوام 2008 و 2012 و 2014، عبر مظاهرات ومسيرات داعمة في حيفا والناصرة وأم الفحم وغيرها، وعبر توفير الإسناد المادي للمنتفضين في الضفة الفلسطينية، متحدين كل إجراءات القمع الصهيونية.

وفي ضوء هذا العنفوان الفلسطيني في المناطق المحتلة عام 1948، ابتكرت سلطات الاحتلال أسلوباً جديداً، يتمثل في اقتناص البعض القليل من ذوي النفوس الضعيفة وإيقاعهم في عالم الجريمة، من تجارة المخدرات وتجارة السلاح واقتنائه، بتسهيل من أجهزة الأمن الإسرائيلية، إذ ترتب على هذه  الظاهرة الغريبة عن المجتمع الفلسطيني عمليات قتل منظمة طالت (110) مواطن فلسطيني العام الماضي و (16) مواطناً منذ مطلع العام الحالي؛ إذ أنه رغم مطالبات الأحزاب والقوى الوطنية والاجتماعية الفلسطينية السلطات الأمنية والقضائية الصهيونية، بإجراء تحقيقات للكشف عن الجناة، إلا أن طلباتها لم تلقَ أدنى استجابة من قبل تلك السلطات.

لقد أدركت الفعاليات الفلسطينية في الداخل، المغزى من عمليات القتل المسكوت عنها من قبل السلطات الأمنية الإسرائيلية، وأدركت حقيقة ومغزى ظاهرة المخدرات والسلاح في الوسط العربي التي يروج لها العدو الصهيوني، في أنها تستهدف إرباك الشعب الفلسطيني وإشغاله في قضايا أمنية واجتماعية وثأرية، لإلهائه عن قضاياه الوطنية والاجتماعية ولتصرفه عن مشروعه الوطني، خاصةً وأن العنف والجريمة باتت تضرب المجتمع العربي في الجليل والنقب والمثلث والساحل بدون تمييز. وفي مواجهة هذا المشروع الصهيوني، الذي يستهدف خلخلة المجتمع الفلسطيني في مناطق 1948، نظمت الأحزاب والقوى الفلسطينية سلسلة مسيرات وإضرابات شاملة ضد هذا المشروع، وأعلنت حملة تعبوية في مواجهتها، لتحصين أبناء شعبنا من تداعياته ولكشف حقيقة أن أولئك المندغمين في ظاهرة المخدرات والسلاح، ليسوا سوى عملاء للاحتلال.

  اللجنة القطرية للرؤساء ولجنة المتابعة العربية مطالبة، بالضغط على مؤسسات العدو للتراجع عن مخططها الإجرامي، ومطالبة الآن بتصعيد التحرك الجماهيري، الذي قد يتجاوزها إذا لم تستجب لمقتضيات اللحظة الراهنة، باتجاه هبة شاملة، ومطلوب منها اشتقاق مهمات سياسية رئيسية على النحو الذي طالب بها محمد كناعنة -عضو المكتب السياسي ل حركة أبناء البلد – بالتحرك باتجاه الأمم المتحدة للمطالبة بوضع الأقلية العربية في مناطق 1948 تحت الحماية الدولية. كما أن فصائل منظمة التحرير الفلسطينية والقوى الوطنية والإسلامية مطالبة هي الأخرى أن تأخذ موقفاً مسانداً وداعماً للحراك الجماهيري في مناطق 1948، وينتظر من شعبنا في الضفة والقطاع والشتات تنظيم تحركات جماهيرية  داعمة لتأكيد وحدة شعبنا في كافة مناطق تواجده.